روايتي لا تروج مطلقاً للإلحاد
أثارت رواية "وداعا أيتها السماء" للكاتب حامد عبد الصمد ضجة كبيرة منذ أن نشرتها دار "ميريت" فى الصيف الماضى خاصة بعد أن رشحتها الدار لتمثيلها فى مسابقات جائزة البوكر العربية، كما فازت الرواية بالمركز الأول فى استفتاء أجرته دار ميريت بين قرائها عبر الانترنت حول أجمل رواية صدرت عن الدار لعام 2008.
ولأن الرواية تتعامل مع قضايا كثيرة شائكة مثل القضية الإيمانية واغتصاب الأطفال فى مصر تلقى كاتب الرواية عديد من الرسائل تتهمه بالكفر والترويج للرذيلة.
ثم انتشرت مثل هذه الاتهامات فى صورة تعليقات على المقالات التى نشرت عن الرواية على صفحات الانترنت. وفسر كثيرون عنوان الرواية على أنه دعوة صريحة لترك الإيمان. ولعل أعنف الاتهامات التى وجهت للكاتب صدرت عن أهل قريته التى نشأ بها، التى يرى عديدون فيها أن الكاتب تخطى خطوطا حمراء كثيرة خاصة فى الدين والجنس، كما يرى بعضهم أنه أساء بروايته للقرية بصفة خاصة ولمصر بصفة عامة وقدمهما فى صورة مجتمعات مريضة.
يقول مؤلف الرواية: قضية الشك والبحث عن الله قضية موجودة فى الفكر الإسلامى منذ قرون، خاصة الفكر الصوفى. وقد اتسعت ساحة الفكر الإسلامى دائما للنقاش حول هذه المسائل، ولكن هذه القضايا أصبحت - كما يرى الكاتب – محاطة بحقول ألغام فى العصر الحالى وأصبح من الممنوع الخوض فيها .
ورأى أن ذلك دليلا على ضعف الحالة الفكرية التى وصلنا إليها لا على قوة إيماننا وتمسكنا بعقيدتنا. دخلنا القرن الحادى والعشرين ومازال هناك من ينادى بمنع طباعة كتب واحد من أهم المفكرين فى تاريخ الفكر الاسلامى بل والفكر الانسانى كافة وهو الشيخ محيى الدين ابن عربى.
ودعا المؤلف لمراجعة مصير الأمم التي أحرقت الكتب ، وتساءل : هل منع الكتب هو الذى سيحل أزمتنا؟.
وعن تفاصيل الأزمة ، تابع عبدالصمد : حاولت أن اتناول القضية الإيمانية من خلال تساؤلات شاكر عبد المتعال فى طفولته. الطفل يسأل أسئلة قد تبدو ساذجة عن وجود الله ودوره فى حياتنا لأنه يبحث عنه ويريد أن يجده بنفسه ولا يكتفى بما يحكيه الآخرون عنه. والرواية تطرح تساؤلات فقط ولا تدّعى امتلاك اجابات لها.
وقال : إذا كان مجرد التساؤل حول قضايا الإيمان يصبح إلحادا فلدينا مشكلة كبيرة. فالإيمان الحقيقى لا يأتى بالتوريث وإنما بالبحث والاقتناع. وسيدنا إبراهيم كان يقلب وجهه فى السماء ويبحث عن الله ببصره وبصيرته بين النجوم والكواكب حتى اهتدى إليه.
وبوجه عام رأى أن الرواية لا تدعو للكفر ولا تشجع أحد عليه " بدليل أنى جعلت الشخص الذى فقد إيمانه أصبح مجنونا وضائعا فى نهاية الرواية ولم أجعله شخصا ناجحا ومتزنا. ولعل آخر سطر فى الرواية يوضح ذلك حيث يستغيث بطل الرواية: يا أرحم الراحمين ارحمنا يارب" .
رأى المؤلف أيضا أن إيمان الكثيرين فى مجتمعاتنا هو "قِلة حيلة" أو مجرد شئ متوارث غير مبنى على الإقتناع والفهم ، قائلا : " الطقوس الدينية عند الكثيرين باتت مجرد عادات خالية من الروحانيات، وإجاباتهم على كل القضايا هى إجابات جاهزة ومغلفة وغير قابلة للتفكير والتأمل والمراجعة. ولذلك فإننا نرد بتشنج وغضب أرعن عندما ينتقد أحد ديننا أو يتعرض لمقدساتنا لأننا لم نتعود على الرد بالمنطق فى القضايا الإيمانية" .
أما عن عنوان الرواية "وداعا أيتها السماء" فقال أن له دلالات كثيرة تركها للقاريء ، قائلا : " ولكن حتى لو كان معناها هو وداع السماء بالمفهوم الإيمانى فأنا أرى أن هذا حق مشروع لكل إنسان من منطلق لا إكراه فى الدين.. ولعل رد زوجة شاكر عليه فى الرواية يشرح العنوان حيث تقول "إن أمرك عجيب.. فإن من يريد أن يترك السماء لا يقول لها وداعا!".
وتابع المؤلف حامد عبدالصمد : " أنا احترم الإيمان الحر الذى يربط المرء بربه ويهب الإنسان السكينة والطمأنينة فى الحياة، ولكن لدى مشكلة مع الإيمان المطلق الذى يقيد الحريات ويحاكم الفكر ويلغى وجود الآخر. لدى مشكلة مع ازدواجية الأخلاق والاتجار بالدين أو استغلال مشاعر الناس الدينية لتلهيتهم عن قضايا المجتمع الحقيقية. فهل التعرض لمثل هذه القضايا يعتبر إلحادا؟.
كل إنسان عرضة للخطأ أو الصواب أثناء رحلة بحثه، ولا أحد يملك الحق فى الحكم عليه وهو لايزال فى منتصف طريقه. فمن أعطى هؤلاء الحق فى إصدار حكم التكفير علىّ أو على غيرى؟ هل هذا من صميم ديننا؟ الإسلام الذى تعلمته يقول: "فذكر إنما أنت مذكر.. لست عليهم بمصيطر".
مؤكدا أن القول بأنه قدم القرية ومصر بصورة سيئة غير صحيح ، وما حدث أنه حاول إبراز تناقضات المجتمع الذي نعيش فيه ، بحسبه .
وبالنهاية اعتبر الأديب حامد عبدالصمد أن الرواية تقدم شخصيات مصرية تتأرجح بين الخير والشر وتقدم مواقف إنسانية مؤلمة وأخرى مفرحة وتبعث على الأمل وكلها من واقع حياتنا. ونفس الشئ ينطبق على الشخصيات الألمانية واليابانية. فالهدف ليس الإساءة لمصر ولكن محاولة لمواجهة الذات. ولا يوجد مجتمع واحد حقق التقدم دون مواجهة نفسه بأخطائه وجوانبه المظلمة. إخفاء قاذورات المنزل تحت السجادة قد يؤجل المأساة ولكنه لا يحلها!
من الرواية نقرأ تحت عنوان "فنـاء - بقـاء - توكُّل":
وكان بعض المنتمين للطرق الصوفية ينظّمون حلقة ذكر بعد صلاة العصر كل يوم خميس. كان أبى يعتبر طقوس الصوفية تخالف سنة الرسول ولكنه كان يسمح لهم بالذكر فى المسجد، بل وكان يرسل لهم الطعام من حين لآخر، وكان يقول "كلٌّ يعبد الله على طريقته".. بل كان أيضاً لا يمانعنى إذا وجدنى أقف معهم فى حلقة الذكر.
كانت تعجبنى حركاتهم وتوسلاتهم النابعة من القلب. كانوا عندما يقولون: "الله حىّ!" أشعر بإستجابة عاطفية بداخلى. وكانوا عندما يرددون "فناء - بقاء - توكل" لا أفهم شيئاً، ولكننى أشعر ببصيص من الأمل، وكنت أُفسّر هذه الكلمات بطريقتى الخاصّة على أن التوكل على الله هو الجسر بين العدم والحياة الأبدية. كان يعجبنى أنهم يقفون فى دائرة مغلقة مثل الثعابين فى العرس ولا يصطّفون مثلما نفعل فى الصلاة أو فى طابور المدرسة أو الطابور العسكرى!
كان يعجبنى تفسيرهم لكلمة "ذكر". كانوا يقولون إن كل العلوم مخزونة بصدر الإنسان، ونحن لا نتعلم أى شىء جديد وإنما فقط نتذكر عندما نذكر الله. كانوا يقولون إن الحقيقة تكمن فى قلب البشر وليست فى العالم الخارجى.
أعجبتنى أيضاً رؤيتهم للقضاء والقدر. قالوا إن الله قد عقد مع بنى آدم عهداً، وبموجب هذا العهد تكون للإنسان حرية الإختيار التى سماها الله "أمانة"، وحرية الإختيار هذه تجعل الإنسان مكلّفا ومسئولاً عن مصيره. وفى الوقت نفسه لا يحدث شىء بدون إرادة الله. فالله يقرر مصير العبد والعبد يقرر كيف يتعامل مع ما أصابه من خير أو شرّ.
كنت أبحث فى هذه الفلسفة عن تفسير لما حدث لى فى طفولتى وعن طريقة للتعامل مع قدرى. فتح عالم الصوفية عيناى على دنيا أخرى وأفكار جديدة تماماً. لم أفهم بالطبع كل ما كانوا يقولون فى تلك الآونة، ولكن كلامهم كان دائماً يدخل إلى قلبى بتلقائية. أعجبنى أنهم لا ينكرون الشعائر ولكنهم فى الوقت نفسه لا يمارسونها بطرق وثنية تكرارية.
أعجبنى أنهم كانوا لا يسهبون الحديث عن جهنم ولا يتلذذون بذكر أحاديث العذاب، وإنما كانوا يتكلمون عن "نار المحبة الإلهية". لم يدرس أحد منهم علوم الدين ولا أصول الفقه، ولكنهم كانوا يتحدثون ببساطة المؤمن وبيقين المتوكل على الله.
أثارت رواية "وداعا أيتها السماء" للكاتب حامد عبد الصمد ضجة كبيرة منذ أن نشرتها دار "ميريت" فى الصيف الماضى خاصة بعد أن رشحتها الدار لتمثيلها فى مسابقات جائزة البوكر العربية، كما فازت الرواية بالمركز الأول فى استفتاء أجرته دار ميريت بين قرائها عبر الانترنت حول أجمل رواية صدرت عن الدار لعام 2008.
ولأن الرواية تتعامل مع قضايا كثيرة شائكة مثل القضية الإيمانية واغتصاب الأطفال فى مصر تلقى كاتب الرواية عديد من الرسائل تتهمه بالكفر والترويج للرذيلة.
ثم انتشرت مثل هذه الاتهامات فى صورة تعليقات على المقالات التى نشرت عن الرواية على صفحات الانترنت. وفسر كثيرون عنوان الرواية على أنه دعوة صريحة لترك الإيمان. ولعل أعنف الاتهامات التى وجهت للكاتب صدرت عن أهل قريته التى نشأ بها، التى يرى عديدون فيها أن الكاتب تخطى خطوطا حمراء كثيرة خاصة فى الدين والجنس، كما يرى بعضهم أنه أساء بروايته للقرية بصفة خاصة ولمصر بصفة عامة وقدمهما فى صورة مجتمعات مريضة.
يقول مؤلف الرواية: قضية الشك والبحث عن الله قضية موجودة فى الفكر الإسلامى منذ قرون، خاصة الفكر الصوفى. وقد اتسعت ساحة الفكر الإسلامى دائما للنقاش حول هذه المسائل، ولكن هذه القضايا أصبحت - كما يرى الكاتب – محاطة بحقول ألغام فى العصر الحالى وأصبح من الممنوع الخوض فيها .
ورأى أن ذلك دليلا على ضعف الحالة الفكرية التى وصلنا إليها لا على قوة إيماننا وتمسكنا بعقيدتنا. دخلنا القرن الحادى والعشرين ومازال هناك من ينادى بمنع طباعة كتب واحد من أهم المفكرين فى تاريخ الفكر الاسلامى بل والفكر الانسانى كافة وهو الشيخ محيى الدين ابن عربى.
ودعا المؤلف لمراجعة مصير الأمم التي أحرقت الكتب ، وتساءل : هل منع الكتب هو الذى سيحل أزمتنا؟.
وعن تفاصيل الأزمة ، تابع عبدالصمد : حاولت أن اتناول القضية الإيمانية من خلال تساؤلات شاكر عبد المتعال فى طفولته. الطفل يسأل أسئلة قد تبدو ساذجة عن وجود الله ودوره فى حياتنا لأنه يبحث عنه ويريد أن يجده بنفسه ولا يكتفى بما يحكيه الآخرون عنه. والرواية تطرح تساؤلات فقط ولا تدّعى امتلاك اجابات لها.
وقال : إذا كان مجرد التساؤل حول قضايا الإيمان يصبح إلحادا فلدينا مشكلة كبيرة. فالإيمان الحقيقى لا يأتى بالتوريث وإنما بالبحث والاقتناع. وسيدنا إبراهيم كان يقلب وجهه فى السماء ويبحث عن الله ببصره وبصيرته بين النجوم والكواكب حتى اهتدى إليه.
وبوجه عام رأى أن الرواية لا تدعو للكفر ولا تشجع أحد عليه " بدليل أنى جعلت الشخص الذى فقد إيمانه أصبح مجنونا وضائعا فى نهاية الرواية ولم أجعله شخصا ناجحا ومتزنا. ولعل آخر سطر فى الرواية يوضح ذلك حيث يستغيث بطل الرواية: يا أرحم الراحمين ارحمنا يارب" .
رأى المؤلف أيضا أن إيمان الكثيرين فى مجتمعاتنا هو "قِلة حيلة" أو مجرد شئ متوارث غير مبنى على الإقتناع والفهم ، قائلا : " الطقوس الدينية عند الكثيرين باتت مجرد عادات خالية من الروحانيات، وإجاباتهم على كل القضايا هى إجابات جاهزة ومغلفة وغير قابلة للتفكير والتأمل والمراجعة. ولذلك فإننا نرد بتشنج وغضب أرعن عندما ينتقد أحد ديننا أو يتعرض لمقدساتنا لأننا لم نتعود على الرد بالمنطق فى القضايا الإيمانية" .
أما عن عنوان الرواية "وداعا أيتها السماء" فقال أن له دلالات كثيرة تركها للقاريء ، قائلا : " ولكن حتى لو كان معناها هو وداع السماء بالمفهوم الإيمانى فأنا أرى أن هذا حق مشروع لكل إنسان من منطلق لا إكراه فى الدين.. ولعل رد زوجة شاكر عليه فى الرواية يشرح العنوان حيث تقول "إن أمرك عجيب.. فإن من يريد أن يترك السماء لا يقول لها وداعا!".
وتابع المؤلف حامد عبدالصمد : " أنا احترم الإيمان الحر الذى يربط المرء بربه ويهب الإنسان السكينة والطمأنينة فى الحياة، ولكن لدى مشكلة مع الإيمان المطلق الذى يقيد الحريات ويحاكم الفكر ويلغى وجود الآخر. لدى مشكلة مع ازدواجية الأخلاق والاتجار بالدين أو استغلال مشاعر الناس الدينية لتلهيتهم عن قضايا المجتمع الحقيقية. فهل التعرض لمثل هذه القضايا يعتبر إلحادا؟.
كل إنسان عرضة للخطأ أو الصواب أثناء رحلة بحثه، ولا أحد يملك الحق فى الحكم عليه وهو لايزال فى منتصف طريقه. فمن أعطى هؤلاء الحق فى إصدار حكم التكفير علىّ أو على غيرى؟ هل هذا من صميم ديننا؟ الإسلام الذى تعلمته يقول: "فذكر إنما أنت مذكر.. لست عليهم بمصيطر".
مؤكدا أن القول بأنه قدم القرية ومصر بصورة سيئة غير صحيح ، وما حدث أنه حاول إبراز تناقضات المجتمع الذي نعيش فيه ، بحسبه .
وبالنهاية اعتبر الأديب حامد عبدالصمد أن الرواية تقدم شخصيات مصرية تتأرجح بين الخير والشر وتقدم مواقف إنسانية مؤلمة وأخرى مفرحة وتبعث على الأمل وكلها من واقع حياتنا. ونفس الشئ ينطبق على الشخصيات الألمانية واليابانية. فالهدف ليس الإساءة لمصر ولكن محاولة لمواجهة الذات. ولا يوجد مجتمع واحد حقق التقدم دون مواجهة نفسه بأخطائه وجوانبه المظلمة. إخفاء قاذورات المنزل تحت السجادة قد يؤجل المأساة ولكنه لا يحلها!
من الرواية نقرأ تحت عنوان "فنـاء - بقـاء - توكُّل":
وكان بعض المنتمين للطرق الصوفية ينظّمون حلقة ذكر بعد صلاة العصر كل يوم خميس. كان أبى يعتبر طقوس الصوفية تخالف سنة الرسول ولكنه كان يسمح لهم بالذكر فى المسجد، بل وكان يرسل لهم الطعام من حين لآخر، وكان يقول "كلٌّ يعبد الله على طريقته".. بل كان أيضاً لا يمانعنى إذا وجدنى أقف معهم فى حلقة الذكر.
كانت تعجبنى حركاتهم وتوسلاتهم النابعة من القلب. كانوا عندما يقولون: "الله حىّ!" أشعر بإستجابة عاطفية بداخلى. وكانوا عندما يرددون "فناء - بقاء - توكل" لا أفهم شيئاً، ولكننى أشعر ببصيص من الأمل، وكنت أُفسّر هذه الكلمات بطريقتى الخاصّة على أن التوكل على الله هو الجسر بين العدم والحياة الأبدية. كان يعجبنى أنهم يقفون فى دائرة مغلقة مثل الثعابين فى العرس ولا يصطّفون مثلما نفعل فى الصلاة أو فى طابور المدرسة أو الطابور العسكرى!
كان يعجبنى تفسيرهم لكلمة "ذكر". كانوا يقولون إن كل العلوم مخزونة بصدر الإنسان، ونحن لا نتعلم أى شىء جديد وإنما فقط نتذكر عندما نذكر الله. كانوا يقولون إن الحقيقة تكمن فى قلب البشر وليست فى العالم الخارجى.
أعجبتنى أيضاً رؤيتهم للقضاء والقدر. قالوا إن الله قد عقد مع بنى آدم عهداً، وبموجب هذا العهد تكون للإنسان حرية الإختيار التى سماها الله "أمانة"، وحرية الإختيار هذه تجعل الإنسان مكلّفا ومسئولاً عن مصيره. وفى الوقت نفسه لا يحدث شىء بدون إرادة الله. فالله يقرر مصير العبد والعبد يقرر كيف يتعامل مع ما أصابه من خير أو شرّ.
كنت أبحث فى هذه الفلسفة عن تفسير لما حدث لى فى طفولتى وعن طريقة للتعامل مع قدرى. فتح عالم الصوفية عيناى على دنيا أخرى وأفكار جديدة تماماً. لم أفهم بالطبع كل ما كانوا يقولون فى تلك الآونة، ولكن كلامهم كان دائماً يدخل إلى قلبى بتلقائية. أعجبنى أنهم لا ينكرون الشعائر ولكنهم فى الوقت نفسه لا يمارسونها بطرق وثنية تكرارية.
أعجبنى أنهم كانوا لا يسهبون الحديث عن جهنم ولا يتلذذون بذكر أحاديث العذاب، وإنما كانوا يتكلمون عن "نار المحبة الإلهية". لم يدرس أحد منهم علوم الدين ولا أصول الفقه، ولكنهم كانوا يتحدثون ببساطة المؤمن وبيقين المتوكل على الله.